إنَّ الحمدَ للهِ نَحمَدُهُ، وَنَسْتَعينُهُ، ونَسْتَغْفِرٌهُ، ونَسْتَهْدِيه، ونعوذُ باللهِ مِنْ شرورِ أَنْفُسِنَا، ومِنْ سيِّئاتِ أَعْمَالِنا، مَنْ يَهْدِهِ اللهُ فَلا مُضِلَّ لَه، وَمَنْ يُضْلِل فَلا هادِي لَه، وأشْهَدُ أنَّ لا إله إلا اللهَ وحدهُ لا شريكَ لهُ، وأشهدُ أنَّ مُحمّداً عَبْدُهُ وَرَسولُه، أمَّا بَعْد:
قَدْ أرسلَ اللهُ رسلاً كراماً، وأنزلَ عَليهُم كُتُباً تُنيرُ الطَّريق، وتَعْصِمُ الَّسالِكينَ، إلى أنْ خَتَمَ الله الأنبياءَ بِسيِّدِهِم الهادي البشير محمد صلى الله عليه وسلم، وأيَّدَهُ بـِمـُعْجِزَتِه، وأنزلَ عليهِ كَلمَاتِهِ، وقال:﴿قَدْ جَاءَكُمْ مِنَ اللَّهِ نُورٌ وَكِتَابٌ مُبِينٌ * يَهْدِي بِهِ اللَّهُ مَنِ اتَّبَعَ رِضْوَانَهُ سُبُلَ السَّلَامِ وَيُخْرِجُهُمْ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ بِإِذْنِهِ وَيَهْدِيهِمْ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ﴾ ،
وَقَدْ بلَّغَ -صلواتُ اللهِ وسلامهِ عَليه- الرسالة، وأدّى الأمانة، ونصحَ الأمة، فاسْتَنارت الدنيا بِهديِه، وأشْرَقَت الظُّلُمات بِسُنَّتِه، وَطابَت الحياةُ بأيامِهِ وأحْكامِه، وقَدْ تَرَكَ فِينا ما إنْ تَمسَّكنا به فَلنْ نُضَلَّ: كتابُ اللهِ وسُنَّتَه، ومِنْ هنا كان من المُحتمِ على الأمةِ الاعتصامُ بِهُمَا، والدفاعُ عَنهُما في وجهِ الشبهاتِ والمطاعنِ من أعداءِ الدين.
فكان من الأعداءِ الذين حاربوا السنَّةَ النبويةَ المستشرقون الذين هُم امتداداهم امتداد لليهودِ والنَّصارى، فقد بذلوا كلَّ ما في وِسْعِهِم لِطمسِ دينَ الإسلامِ، ولم تُخَفِّف من هذا العَداءِ القُرونَ المُتَطاولةِ، بل ظَلَّ يَأخذُ صُوراً شَتى وأشْكَالاً مُتَنوعَة، وجاء مَنْهَجُهُم يَحْوي بَينَ طَيَّاتِهِ كُلَّ دَسِيسَة وشُبْهَة تَطْعَنُ في هذا الدين. فلقد أَلَّفَ في السِّيرةِ الكثيرون من المستشرقين مِنْ كُلِّ جنسٍ ولونٍ، ومِن هؤلاءِ الـمُنْصِفُون وقَليلٌ ما هُم وغَيرُ الـمُنْصِفينَ وهُمْ الكَثيرون، ولا عَجَبَ فأغلبُهم مُبَشِّرونَ بِدياناتِهم، والكَثْرَةُ مُنْهُم صَليبيونَ لا يزالونَ يَحملونُ الحِقْدَ عَلى الإسلامِ ونبيِّ الإسلامِ، ولا يجدونَ ثغرةً يَنْفِثونَ مِنْها أَحْقادِهم وسمومِهم إلا نَفَذُوا مِنْها، ولا رِوايةً واهِيَةً مُنْكَرةً أو مُخْتَلَقةً إلا طبَّلوا لها، ولا عليهم لو زيَّفُوا الصَّحيحَ مادامَ ذلكَ يُساعدُهم على أهوائِهم، ولأَجْلِ أنْ يُلبِّسوا على الـمُسلمينَ تَستَّروا تَحتَ سِتارِ البحثِ العلميِّ، وحُريةِ الرَّأي، والغَرَض والدافع منه العداءَ السافرَ للإسلامِ وحَلُّ عُرَى الإيمانِ مِن نُفُوسِ المسلمين، والتَّشكيكِ في سيرةِ مَثَلِهم الأعلى وقُدوتُهُم النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليهِ وسَلَّمَ.
The text above was approved for publishing by the original author.
Previous
     
Next
받은편지함으로 가서 저희가 보낸 확인 링크를 눌러서 교정본을 받으세요. 더 많은 이메일을 교정받고 싶으시면:
또는